«كوب 28» تاريخي واستثنائي
أبرزت الصحف ووكالات الأنباء تصريحات معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، رئيس مؤتمر الأطراف «كوب 28»، بأن مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ «كوب28» استثنائي، وأنه صنع التاريخ، وأحيا الأمل بفضل الزخم الكبير في إنجازاته.
والحقيقة أنّ رئيس المؤتمر لم يجاوز الواقع في تصريحاته هذه. فبادئ ذي بَدء، يُعد «كوب 28» الأكثر حضوراً في تاريخ مؤتمرات الأطراف، حيث بلغ عدد المشاركين في فعالياته 100,446 شخصاً، ينتمون إلى الدول الأطراف والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية، والحكومات الإقليمية، والشركات الخاصة، والهيئات الأكاديمية، ومنظمات المجتمع المدني، والتنظيمات الدينية، ووسائل الإعلام.
وتكتسب الدورة الحالية لمؤتمر الأطراف أهمية فائقة، لكون الدولة المضيفة رائدةً في مجال الطاقة المتجددة وفي تنظيم الفعاليات الدولية، ولأن هذه الدورة تشهد إجراء أول تقييم عالميّ للتقدم المُحرَز في تحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ عام 2015. وقد أضفى انخراط صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في أنشطة «كوب28» أهمية إضافية للمؤتمر، حيث التقى سموّه عدداً من رؤساء الوفود المشاركين، وأطلق صندوقاً عالميّاً بقيمة 30 مليار دولار للحلول المناخية، وأعلن عن «مبادرة الائتمان الأخضر»، وكرّم الفائزين بجائزة «زايد للاستدامة»، ووقّع إعلان «ممر المحيطين»، وحضر انطلاق «منتدى الأعمال الخيرية والمناخ».
وعلاوة على ذلك، فإن المهارة الدبلوماسية للدكتور سلطان الجابر، رئيس المؤتمر، وانفتاحه على كل الآراء، ومرونته، واقترابه الواقعي تجاه قضية الوقود الأحفوري، والتصميم الجيد لأجندة رئاسة كوب28، والتنظيم القويم للمؤتمر.. كل ذلك أضفى حيوية وفعّالية على محادثات المناخ هذا العام. وقد افتتح «كوب28» بالاتفاق على الصندوق العالمي للمناخ، أو صندوق الخسائر والأضرار سابقاً، لمساعدة الدول النامية على مواجهة آثار تغير المناخ، وهو إنجاز تاريخي يمكن مقارنته باتفاق باريس. ثم تقاطرت الإنجازات و«الأوليات» يتلو بعضها بعضاً في إكسبو دبي.
فقد أُطلق العديد من المبادرات العالمية، ومن أبرزها: إعلان «كوب28» بشأن النُّظم الغذائية والزراعة، وإعلان «الإمارات- كوب28» بشأن الإطار العالمي للتمويل المناخي، ودعم غالبية الأطراف زيادة الطاقة المتجددة ثلاثة أضعافها بحلول عام 2030، وتعهُّد معظم الأطراف طوعاً بخفض انبعاثات غاز الميثان بنسبة 30% بحلول عام 2030. ولأول مرة، انتظمت قمة العمل المحلي للمناخ في إطار مؤتمر الأطراف «كوب28»، لتوحيد رؤى القادة الإقليميين والوطنيين لإنشاء نموذج عالمي جديد للعمل المناخي المتكامل بين جميع مستويات الحكومة. كما التأمت شَرَاكات، واتُّخِذَت مبادرات لتعزيز التنمية الحضرية المستدامة.
ولأول مرة أُنشِئ جناح الأديان، لتفعيل مشاركة قادة الأديان في مواجهة تداعيات تغير المناخ. وشهد المؤتمر مبادراتٍ رائدةً وغير مسبوقة لتعزيز مشاركة الشباب والأطفال في العمل المناخي. ووضعت رئاسةُ المؤتمر القطاعَ الخاص في قلب اهتماماتها لإدماجه في العمل المناخي، على عكس منظمي أيّ محادثات سابقة للأمم المتحدة بشأن المناخ.
وتم تضمين الزراعة والصحة في قلب أجندة «كوب28»، مع تخصيص يوم كامل للأغذية والزراعة، وإصدار إعلان بشأن المناخ والصحة. وعليه، فلم يكن مفاجئاً أن تنشر صحيفتا «ليبراسيون» و«كابيتال» الفرنسيتان، في يومي 6 و7 ديسمبر الجاري، على التوالي، ما يثبت أن التقييم الإجمالي للمؤتمر هو النجاح، حتى وإن انتهى الآن.
*مدير إدارة البحوث والاستشارات - مركز تريندز للبحوث والاستشارات.